موقع معروف

النشرة القانونية

للاشتراك مجانًا بخدمة الأخبار القانونية التي تقدمها شبكة المحامين العرب، ومتابعة أهم الأخبار القانونية اليومية ، ارسل كلمة " اشترك - الإمارات " أو "Subscribe - uae" على الرقم التالي ثم اضف رقم الخدمة بقائمة جهات الإتصال لديكم

  أستعراض تاريخيًا   07/09/2020 صناعة التشريع بين الواقع والمأمول (2)

جريدة الوطن- 7  سبتمبر  2020م

صناعة التشريع بين الواقع والمأمول (2)

أحمد عبد الظاهر
تعقيباً على مقال الأسبوع الماضى، وفى تعليق منشور على صفحتى العامة على موقع «فيس بوك»، يقول الزميل العزيز الأستاذ الدكتور رجب محمود، وكيل كلية الحقوق جامعة القاهرة لشئون الدراسات العليا: «هذا المقال شديد الأهمية بشكل مطلق لأكثر من سبب: ليس لدينا هيكل مؤسسى لصناعة التشريع فى مصر، كما الدول الأخرى مثل كندا كحالة، حيث تتم عملية إعداد التشريعات كواجب وظيفى. والحقيقة أن إعداد التشريعات أصبح صناعة متكاملة فى العديد من الدول، وليس مجرد فكرة تطرأ يدفع بها إلى موظف لإعداد مسودته ثم تستكمل الإجراءات إلى أن يصل إلى البرلمان. ومن ضمن أسس صناعة التشريع عملية دراسة أثر التشريع، وتلك عملية مهمة جداً تنظمها تشريعات فى العديد من الدول. وبشكل عام ودون تفصيل تقوم دراسة الأثر التى تعد من أجهزة متخصصة متنوعة الكفاءات على إثبات مدى الحاجة إلى صناعة التشريع، والإشكالية التى قادت إلى هذا الخيار، وهل ذلك هو الطريق الوحيد لمعالجتها، وهل لا توجد نصوص بالدولة للتعامل معها، وعلاقة التشريع المقترح بالتشريعات الأخرى فى الدولة سواء أفقياً أو رأسياً، ووضع المشروع المقترح بالنسبة للدستور، والجهة المسئولة عن تنفيذه بعد إصداره والمسئولين بها مباشرة عن التنفيذ، وإقامة مسئوليتهم عن ذلك إذا لزم الأمر، والتكلفة المالية للتنفيذ وكيفية تدبيرها، ومتابعة التنفيذ، وأثر التنفيذ، وأثر التشريع بعد تنفيذه فى ضوء كل ما سبق. فهذه الموضوعات يجب أن تحسم قبل بدء عملية إعداد التشريع. ومن ثم، فالأمر ليس مجرد مذكرة توضيحية أو شارحة كالذى نرى فى العمل. هكذا، تقدمت الدول بشدة فى عملية صناعة التشريع، فانضبط من ثم واقعها وتقدمت ونمت بشكل غير مسبوق. والأمر ليس مجرد قطاع أو إدارة للتشريع فى وزارة، بل جهاز مستقل لديه رؤية فى ضوء ما سبق، ويعمل به خبرات متنوعة وليس مجرد قانونيين فقط. والموضوع به تفصيلات كثيرة. بقى أن أشير إلى أن الدستور هو الذى يحكم سقوط الجرائم وانقضاء الدعاوى الجنائية لتعلق ذلك بالحقوق الأساسية المحمية دستورياً.. وليس للمشرع أن يقرر ذلك مهما كانت الاعتبارات إلا بسند دستورى. حقيقة أشكركم على هذا المقال شديد الأهمية لبلدنا العظيم.. وأرى أن هذا الموضوع يستحق مؤتمراً كبيراً متخصصاً يحظى بدعم سياسى على أعلى مستوى، وذلك لاستخلاص وتأسيس نظام تتبناه الدولة فى صناعة التشريع، لما لذلك من انعكاس على الجوانب والسياسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية».
وفى تعليق منشور على صفحتى الشخصية على موقع التواصل المهنى لينكدن (LinkedIn)، يقول الأستاذ الفاضل عز الدين حسين، المحكم والمترجم القانونى والحاصل على الماجستير فى القانون الأمريكى: «أعجبنى جداً العنوان.. فعلاً لقد أضفيت على التشريع صناعة وهو فى الحقيقة كذلك.. فالتشريع صناعة، والخدمات المصرفية صناعة، والخدمات المالية وأسواق المال صناعة، والسياحة، والخدمات الصحية وغيرها تندرج تحت هذا المسمى. وطالما اتفقنا من حيث المبدأ على أنها صناعة، فهى تخضع لضوابط الصناعة من حيث الموارد والضوابط ومقتضيات الجودة والإتقان، حتى يكون المنتج لائقاً ومتوافقاً مع مواصفات ومتطلبات الصناعة.. لعل تفضلكم (بين الواقع والمأمول) يحدد الواقع كما يحمل فى طياته آمال وطموحات ما يجب أن يكون عليه، وهو ما جاء فى صلب مقالكم..».
وأود أن أثمن عالياً الآراء والمقترحات التى تضمنتها التعليقات سالفة الذكر، مؤكداً أنها تعبر عن رؤية تقدمية لعملية إعداد التشريعات، والتى غدت علماً وفناً له أسسه ومدارسه، وبحيث لا يكفى للقيام بها مجرد العمل فى المهن القانونية أو القضائية. ومع ذلك، فإن الغالبية العظمى من المعنيين بعملية التشريع فى عالمنا العربى لا يزالون ينظرون إلى القوانين من باب حسن تبويبها وإحكام صياغة نصوصها، دون أن يمدوا أبصارهم إلى ما وراء ذلك من جوانب أخرى على درجة عالية من الأهمية. ولا ننكر هنا أهمية الصياغة التشريعية، ولكن نود فقط القول إن الصياغة وحدها لم تعد كافية، وإنما ينبغى أن تسبقها مراحل أخرى على درجة كبيرة من الأهمية. وفى هذا المقام، نود أن نشير إلى بعض الدراسات المنشورة على موقع مجلس أوروبا، وتعود فى تاريخها إلى سنة 2001م، عن تقييم التشريعات، سواء من حيث المساهمة فى جودة التشريع، أو تقدير تكلفة التشريع، أو تقييم آثار التشريع على ممارسة الحقوق الأساسية، أو التحليل والتنبؤ بمدى تقبل الناس له وتفهمهم لغاياته. هذا هو المأمول من صناعة التشريع فى بلادنا.. والله من وراء القصد.