موقع معروف

النشرة القانونية

للاشتراك مجانًا بخدمة الأخبار القانونية التي تقدمها شبكة المحامين العرب، ومتابعة أهم الأخبار القانونية اليومية ، ارسل كلمة " اشترك - الإمارات " أو "Subscribe - uae" على الرقم التالي ثم اضف رقم الخدمة بقائمة جهات الإتصال لديكم

  أستعراض تاريخيًا   18/08/2020 مناورة عملية فى مواجهة الحروب البيولوجية

جريدة الوطن الثلاثاء 18 أغسطس 2020 م - ٢٨ ذي الحجة ١٤٤١ هـ

مناورة عملية فى مواجهة الحروب البيولوجية

أحمد عبد الظاهر
تعليقاً على ورقة العمل التى قمت بتقديمها فى الندوة الافتراضية التى نظمتها جامعة سيدى محمد بن عبدالله بالمملكة المغربية الشقيقة، فى شهر يونيو 2020م، والتى جاءت تحت عنوان «علانية جلسات المحاكم فى زمن الكورونا»، قالت لى إحدى الزميلات من أعضاء هيئة التدريس بكلية الحقوق جامعة القاهرة: «كنت أفكر منذ فترة فى إدخال موضوع الكورونا فى أحد أبحاث الترقية، لكن راودنى التفكير أن البحث ستكون فائدته لمدى زمنى معين وهو ما جعل الأمر محل تردد».

وقد كان ردى على ذلك أن الاعتقاد وربما الأمل فى بداية الأزمة معقود على انتهائها بحلول شهر يوليو 2020م على أكثر تقدير، وقد عبّر عن ذلك بعض القادة والزعماء فى العديد من الدول عبر العالم. ولكن، ثبت بعد ذلك أن الأزمة قد تمتد لسنوات، ولن تكون مقصورة على بضعة أشهر فقط. وقبل أن يفيق العالم من آثار الموجة الأولى للفيروس، ومع تزايد الآمال والتوقعات برفع القيود المفروضة بسبب كورونا، ولو بشكل جزئى، بدأت المخاوف من موجة ثانية للفيروس قيل إنها ستكون أشد فتكاً وأعظم ضرراً.

ومن ناحية أخرى، فإن مثل هذه الدراسات لا تقتصر أهميتها على زمن الكورونا، وإنما يمكن أن تكون صالحة أيضاً فى أزمان الأوبئة، أياً كان سببها واسم المرض المسبب لها. وبينما يكافح العالم للسيطرة على تفشى فيروس كورونا، ظهرت فيروسات أخرى شديدة العدوى فى العديد من الدول، ففى نهاية شهر يونيو 2020م، قال علماء صينيون إنهم حددوا سلالة جديدة من فيروس إنفلونزا الخنازير، محذرين من إمكانية تحوله إلى جائحة عالمية، مؤكدين أنه مزيج من 3 فيروسات.

وفى ذات التوقيت تقريباً، وتحديداً فى بداية شهر يوليو 2020م، ظهر فى الولايات المتحدة الأمريكية فيروس «إيبولا الأرنب» المميت أو فيروس مرض الأرانب النزفى. والواقع أنه على مدى السنوات الخمسين الماضية، ظهر العديد من الفيروسات التاجية التى تسبب مجموعة متنوعة من الأمراض البشرية، ومن المحتمل أن تستمر هذه الفيروسات فى الظهور والتطور، مما يتسبب فى حدوث فاشيات بشرية، بسبب قدرة الفيروس على إعادة تكوين وتحوير نفسه وإصابة أنواع خلايا متعددة.

والمعضلة الأكبر التى تواجه البشر فى الوقت الحالى هى عدم الإلمام بالعديد من جوانب التكاثر الفيروسى، وكذا عدم فهم أسباب نزوع بعض الفيروسات إلى القفز بين الأنواع الحية، فضلاً عن عدم التوصل حتى تاريخه إلى مصل أو علاج ناجع مضاد للفيروسات التاجية البشرية. وقد أسهم تفشى فيروس «سارس» ومن بعده فيروس «ميرس» فى تحفيز العلماء وجهات البحث العلمى للبحث عن مضادات لهذه الفيروسات.

وبالفعل توصل العلماء لعدد كبير من الأهداف المناسبة التى تسهم فى التصدى للفيروسات، لكن لا يزال ثمة حاجة لتطوير العقاقير التى تستهدف هذه الفيروسات وتكون قادرة على منع تكاثر الفيروس. وعلى هذا النحو، فإن احتمال تفشى الجائحات من فترة إلى أخرى يبدو قائماً، ويغدو من الضرورى بالتالى تكريس الوقت والجهد لإعداد خطط طوارئ تكفل تعاملاً أفضل وأمثل مع أى جائحة أخرى قد تحدث مستقبلاً لا قدّر الله.

إن الحديث يدور الآن على نطاق واسع فى الأوساط العلمية والعسكرية عن أن حروب المستقبل ستتخذ شكل الحروب البيولوجية.

ولذلك، تعكف بعض الجيوش حالياً على إعادة النظر فى بنيتها العسكرية ومعداتها الحربية، وتجرى استعداداتها للتكيف مع المستجدات التى فرضها الوباء. وقد بدأت وزارة الدفاع الأمريكية بالفعل فى استكشاف طريقة للتأقلم مع الآثار طويلة المدى لفيروس كورونا. وفى شهر مايو 2020م، أكد معهد إيطالى أن كورونا مؤشر لقياس القدرة على مواجهة الحروب البيولوجية.

ومن ثم، نرى من الملائم اغتنام هذه الفرصة التى نعيشها حالياً فى اختبار خطط كل مرفق من مرافق الدولة فى التعامل مع أى وباء أو جائحة قد تحدث مستقبلاً، سواء كان ذلك طبيعياً أو كان مقصوداً فى إطار ما اصطلح على تسميته «الحرب البيولوجية».

لقد جرت عادة الجيوش الوطنية على إجراء مناورات حية لقياس القدرة واختبار حالة التأهب والجاهزية فى مواجهة الحروب التقليدية التى يمكن أن تواجهها الدولة.

ونعتقد أن الفترة الحالية هى بمثابة مناورة أو اختبار حى لقياس جاهزية مرافق الدولة فى التعامل مع مثل هذه الأزمات مستقبلاً. ولذلك، يبدو من المناسب أن يطلب مجلس الأمن القومى من كل وزارة أو مؤسسة موافاة المجلس بخطته المعتمدة فى مواجهة الأوبئة والجائحات، والتثبت من مدى فاعلية هذه الخطط. والله من وراء القصد.